ǿմý

ENGEOS

التغير المناخي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يُنبئ بحدوث أزمة وشيكة

يوليو 16, 2024

تعتبر المنطقة في طليعة الأزمة المناخية العالمية في ظل ارتفاع درجات الحرارة وتغير الأنماط الجوية والتكرار المتزايد للظواهر المناخية القصوى

 

 

نشر باحثان من جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، الدكتورة ديانا فرانسيس والدكتور ريكاردو فونسيكا، دراسة شاملة عن التحولات المناخية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وطريقة تناولها في . وأكد الباحثان في دراستهما على أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ليست مستبعدة عن الظروف المناخية القاسية. وسلط الباحثان الضوء على جانب هام وهو أن المناخ في هذه المنطقة القاحلة يشهد تغيرات كبيرة ومتسارعة على نحو يفوق أي وقتٍ مضى.

 

واعتمد الباحثان في دراستهما على الدمج ما بين بيانات الرصد والنماذج المناخية المتطورة، وتبين لهما حدوث تغيرات ملحوظة في مناخ المنطقة على مدار العقود الأربعة الماضية، مع توقعات بزيادة حدة هذه المتغيرات بحلول نهاية القرن الـ21.

 

يوجد اتجاه يُعَد واحدًا من أكثر الاتجاهات اللافتة في هذا الشأن وهو ارتفاع درجات حرارة الهواء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث سجلت درجة الحرارة السنوية للهواء بالمنطقة ارتفاعًا خلال العقود الأربعة الممتدة بين عامي 1981 و2020 بمتوسط سنوي يبلغ 0.36 درجة مئوية للعقد الواحد. وقد شهدت المنطقة بالفعل موجات حارة قياسية كتلك الموجة التي ضربتها في يوليو 2023 عندما ارتفعت درجة الحرارة في الجزائر إلى 51 درجة مئوية، بينما بلغت 49 درجة مئوية في تونس و46 درجة مئوية في الأردن. وتؤدي درجات الحرارة فائقة الارتفاع هذه إلى تبعات خطيرة كانقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع وأزمات صحية وحتى خسائر بالأرواح.

 

ولاحظت الدكتورة ديانا والدكتور ريكاردو حدوث تحولات أيضًا في الأنماط المناخية. فخلال فصل الصيف، تتحرك مناطق الحمل الحراري صوب الشمال وفي فصل الشتاء تتحرك نحو الشرق. وتأثرت هذه التغيرات بتغيرات أخرى تتمثل بموقع وكثافة المنخفضات الحرارية ومناطق الضغط المرتفع شبه المدارية التي أثرت بدورها في كمية الغبار في الجو والغطاء السحابي. ويتوقع أن تتحرك مناطق الضغط المرتفع شبه المدارية، مثلًا، تجاه القطب بنسبة 1.5 درجة مئوية بسبب تمدد خلايا هادلي، والتي تُعَد مكونًا هامًا في منظومة دوران الغلاف الجوي في كوكب الأرض، وهي المنظومة المسؤولة عن نقل الحرارة من خط الاستواء إلى خطوط العرض العليا.

 

وأشارت الدكتورة ديانا إلى أن التوقعات تتجسد بـما: “قد يتعرض ما يقرب من نصف سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أي حوالي 600 مليون نسمة، بحلول النصف الأخير من القرن الجاري، لموجات حارة تتراوح شدتها من مفرطة إلى فائقة الإفراط. وقد تصل درجات الحرارة أثناء هذه الموجات إلى 56 درجة مئوية، بل وربما قد تتجاوزها، وقد تستمر لعدة أسابيع. وعلى الرغم من أن المنطقة شهدت جفافًا متزايدًا، أصبحت حالات الهطول الغزير والكثيف للأمطار تحدث في المنطقة على نحو أكثر شدة. ويحتوي الغلاف الجوي على المزيد من الرطوبة عندما ترتفع درجات حرارة سطح البحر، وهو ما يسبب حدوث المزيد من حالات المطر الشديد والغزير”.

 

وزادت أزمة المناخ في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أمام نتيجة محدودية الموارد المائية وتسارع النمو السكاني بالمنطقة. تشكل درجات الحرارة المرتفعة وأنماط هطول الأمطار المتغيرة خطرًا يهدد الأمن المائي والزراعة والصحة العامة، كما فاق وجود الحرارة والرطوبة معًا، في بعض المناطق، معايير الصلاحية للسكن البشري، وقد يزداد الأمر سوءًا مما هو عليه الآن في ظل هذا الاحترار المتواصل.

 

ويُعَد فهم هذه التغيرات المناخية أمرًا في غاية الأهمية بهدف تطوير استراتيجيات تساعد في التأقلم معها والتخفيف من حدة تأثيراتها.

 

وأضافت الدكتورة ديانا: “شهدت الطاقة المتجددة، وبصفة خاصة الطاقة الشمسية، نموًا متسارعًا في المنطقة ولعبت دورًا حاسمًا في التقليل من الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري”. واختتمت بقولها: “توجد عوامل حيوية أيضًا تتعلق بالتعامل مع تأثيرات التغير المناخي، ومنها تحسين إدارة المياه ومرونة البنى التحتية وتوفير نُظُم صحية قوية”.

 

تؤكد الدراسة على أهمية الرصد المتواصل والنمذجة المتطورة لأحوال المناخ. ويتيح التوصل إلى صورة أكثر وضوحًا لتغير المناخ واستمرارية تغيره في المستقبل، لواضعي السياسات والعلماء، الاستعداد والاستجابة بشكل أفضل للتحديات التي تنتظرهم فيما يتعلق بالتغير المناخي. تعد مخاطر الأزمة المناخية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كبيرة، لكن يمكن تحقيق مستقبل أكثر مرونة في هذه المنطقة من خلال التحركات القائمة على المعلومات وتطوير الحلول المُبتَكَرة.

 

Jade Sterling
Science Writer
16 July 2024